المعلم

"منصور بوشناف"

عام 1970م وبعد أن اجتزت المرحلة الإعدادية واستعداداً للثانوية ذهبت إلى بنغازي أول مرة للبحث عن عمل أثناء العطلة الصيفية. كنت أعتقد أن الشهادة الإعدادية مؤهل كافٍ للحصول على عمل فترة العطلة، أيضاً كنت أرى في بنغازي عاصمة للثقافة ومستقراً للكتاب والشعراء الذين كنت أرى نفسي منهم؛ ففي جعبتي ديوان كامل من قصائدي ولاينقصها إلا النشر والانطلاق لدخول عالم الأدب.

كنت قد قرأت كتاباً ملهماً عن التاريخ الليبي القديم "ليبيا هذا الاسم في جذوره التاريخية"، وأشعل هذا الكتاب مخيالي الطفولي بعربات الجرمنت وأهراماتهم، أعتقد أن ذلك الكتاب ظل ملهمي إلى هذا اليوم وأنا على أبواب السبعين من العمر.

في شركة مقاولات عثرت على مكتب "جريدة الكفاح"، سلمتهم أمام الشركة حزمة من أشعاري (لم تنشر طبعا).

في شارع عمرو بن العاص عثرت على مقر جريدة "العمل" فدخلته بثقة كاملة حيث كان ثمة رجل أنيق وإلى جواره امرأة مصرية. قلت: "أنا شاعر"، ومددت له حزمة من أشعاري استلمها مني باسماً، ورغم ابتسامته التي أوحت لي ببعض السخرية إلا أنني احتفظت برباطة جأشي الشعرية وغادرت كما يغادر أي شاعر "ثابت الخطو".

صباح اليوم التالي كانت أول قصيدة لي على الصفحة الأخيرة لجريدة "العمل".

لم أعرف إلا متأخراً أن ذلك الذي ابتسم لي ونشر قصيدتي الأولى كان مصطفى بازامة صاحب الكتاب الذي أشعل مخيالي الطفولي وكان ومازال يلهمني إلى هذا اليوم .

مواليد بني وليد، مسرحي وروائي. اعتقله نظام القذافي سنة 1976 فقضى 12 عاما في السجن بسبب كتاباته. نشرت مقالاته في العديد من الصحف الليبية والعربية، نشر خمس مسرحيات، وصدرت له روايتان: “العلكة”، 2008، و”الكلب الذهبي”، 2019.

منصور بوشناف
القصة السابقة
الحوش أمي